قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ ﴾؛ أي ألَم تعلَمْ يا مُحَمَّدُ كيف وصفَ اللهُ شبهاً كلمةً طيِّبةً وهي كلمةُ التوحيدِ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ والإقرَارُ بالنبُوَّة؛ كشجرةٍ طيِّبةِ الثمرِ، وهي النخلةُ التي لا شيءَ أحلىَ من ثَمرِها وهو الرُّطَبُ، كما لا كلامَ أحسنَ من كلمةِ الرب. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ ﴾؛ فيه شَبَّهَ ثباتَ الإيمان وما فيهِ من الأدلَّة، بقَرَارِ النخلةِ التي أصلُها ثابتٌ على نِهاية الثباتِ في تَمَكُّنِ فرعها في الأرضِ، بل المعرفةُ في قلب المؤمن أثبتُ من عروقِ النخلة؛ لأن النخلةَ تُقلَعُ، ومعرفةُ العارفِ لا يقدر أحدٌ من الناسِ أن يُخرِجَها من قلبهِ. وقولهُ تعالى: ﴿ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ ﴾؛ تُؤتِي أكُلَها، فيه تشبيهُ أعمالِ المخلِصين التي هي فروعُ الإيمان في أنَها ترتفعُ وتعلُو إلى جانب السَّماء؛ لأن الأعمالَ لا تصلحُ إلا بالإيمانِ، والأصلُ هو الإيمانُ، والفروعُ هو الأعمالُ الصالحة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ ﴾؛ فيه تشبيهُ ما يحصلُ من الثواب الدائم الذي لا منْزلةَ أعلىَ منه، وقولهُ تعالى: ﴿ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾؛ أي بعِلْمِهِ وقُدرتهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ﴾؛ أي يُبَيِّنُ اللهُ الأشياءَ للناسِ في صفة التوحيدِ والدين.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ لكي يتَّعِظُوا ويؤمنوا.