قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ﴾؛ أي قالَ إبراهيمُ: إنِّي أسكنْتُ بعضَ ذُرِّيَتي، وهو إسماعيلُ مع أُمِّه هَاجَرَ، بوادٍ جَدْبٍ لا يُنبتُ شيئاً، وأرادَ به وادِي مكَّة وهو الأَبْطَحُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ ﴾؛ أي عندَ المسجدِ الحرام، سَمَّاهُ الْمُحَرَّمَ لأنه لا يستطيعُ أحدٌ الوصولَ إلا بالإحرامِ. وَقِيْلَ: أرادَ به حُرمَةَ الاصطيادِ والقتلِ، كما رُوي في الخبرِ:" أنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ لاَ يُخْتَلَي خَلاَؤُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا ". وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ ﴾؛ أي أسْكنتُهم عندَ بيتكَ الْمُحَرَّمِ ليُقِيمُوا الصلاةَ بحرَمِ مكَّة.
﴿ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ ﴾؛ أي تُسرِعُ إليهم، قال مجاهدُ: (لَوْ قَالَ إبْرَاهِيمُ: أفْئِدَةَ النَّاسِ، لَزَاحَمَتْهُمُ الرُّومُ وَفَارِسُ، وَلَكِنْ قَالَ: أفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ)، وقال ابنُ جُبير: (لَوْ قاَلَ إبْرَاهِيمُ: أفْئِدَةَ النَّاسِ، لَحَجَّتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسُ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أفِئَدَةً مِنَ النَّاسِ فَهُمُ الْمُسْلِمُونَ). وقُرئ (تَهْوَى) بنصب الواو من هَوَى يَهْوَى إذا أحبَّ، إلاَّ أن القراءةَ المعروفة بالكسرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾؛ ظاهرُ المعنى.