قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾؛ أي وخلَقَ لكم الخيلَ والبغال والحميرَ؛ لتَركَبوها وتتزَيَّنوا بها زينةٌ، فيحصلُ لكم منافعُها، وحُسْنُ منظَرِها للناسِ، كما قال تعالى:﴿ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾[الكهف: ٤٦].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾؛ أي يخلقُ أشياءَ لا تَعرِفُونَها لم يُسَمِّها لكم. رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ:" " إنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ أرْضاً بَيْضَاءَ مِثْلَ الدُّنْيَا ثَلاَثِينَ مَرَّةً مَحْشُوَّةً خَلْقاً مِنْ خَلْقِ اللهِ، لاَ يَعْلَمُونَ أنَّ اللهَ يُعْصَى طَرْفَةَ عَيْنٍ " قَالُواْ: يَا رَسُولَ اللهِ أمِنْ وَلَدِ آدَمَ هُمْ؟ قَالَ: " ما يَعْلَمُونَ أنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ؟ " قَالُواْ: فَأَيْنَ إبْلِيسُ عَنْهُمْ؟ قَالَ: " مَا يَعْلَمُونَ أنَّ اللهَ خَلَقَ إبْلِيسَ " ثُمَّ قَرَأ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ﴿ وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ". وهذه الآيةُ مما يُستَدلُّ بها على كراهيةِ لحم الخيلِ على مَذهب أبي حنيفةَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قال في الأنعامِ﴿ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾[النحل: ٥] ولم يذكُرْ في آيةِ الخيل والبغال إلا الركوبَ والزينةَ.