قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ ﴾؛ أي فضَّلناهم بالعقلِ والنُّطقِ والتمييزِ، وعامَلناهم معاملةَ الإكرامِ بالنعمة، وجعلناهم يهتَدُون إلى مَعايشهم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ ﴾؛ أي في البَرِّ على الدواب، وفي البحرِ على السُّفن. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ﴾؛ أي لَذِيذِ المطاعمِ والمشارب، قال مقاتلُ: (السَّمْنُ وَالزُّبْدُ وَالتَّمْرُ وَالْحَلْوَاءُ وَالْعَسَلُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾؛ أي فضَّلنَاهم على كثيرٍ من حيواناتِ البرِّ والبحرِ، ومِن تفضيلهم أنَّهم يأكُلون بالأيدِي، وغيرُهم من الحيواناتِ يأكلون بالأفواهِ. ويقالُ: إنَّ ابنَ آدم يَمشِي مُنتَصِباً قائماً وسائرُ الحيواناتِ تَمشِي مُنْكَبَّةً. ولم يقُل في الآية: عَلَى كلِّ مَنْ خلَقْنَا؛ لأن اللهَ فضَّلَ الملائكةَ كما قالَ تعالى:﴿ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ ﴾[النساء: ١٧٢] ولكنَّ ابنَ آدمَ مُفَضَّلٌ على سائرِ الحيوانات، وقال عطاءُ في هذه الآيةِ: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ بتَعْدِيلِ الْقَامَةِ وَامْتِدَادِهَا)، وقال محمَّدُ بن كعبٍ: (بأَنْ جَعَلَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم مِنْهُمْ). وَقِيْلَ: بحُسنِ الصُّورة، وَقِيْلَ: الرِّجالُ باللِّحَا والنِّساءُ بالذوائب. وَقِيْلَ: بتسلِيطهم على غيرِهم من الخلائقِ، وبتسخيرِ الخلائق لَهم. وعن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تفسيرِ الآية قال:" الْكَرَامَةُ الأَكْلُ بالأصَابعِ "وقولهُ: ﴿ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ﴾ يعني الثِّمارَ والحبوبَ، وكلَّ طعامٍ لَيِّنٍ، ورَزَقَ الدوابَ التِّبنَ والحشيشَ والشَّوكَ.


الصفحة التالية
Icon