قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾؛ نزلَتْ هذه الآيةُ في سَلمان الفارسيِّ وصهيب بن سِنان وعمَّار بن ياسر وخبَّاب وعامرِ بن فُهيرة وغيرِهم من الفقراءِ، كانوا عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وكان مع سَلمان شَمْلَةٌ قد عَرِقَ فيها إذ دخلَ عُيينة بن حصنٍ الفزَاريِّ، فقال: يا مُحَمَّدُ إنْ رؤوسَ مُضَرَ وأشرافَها، وإنهُ والله ما يَمنعُنا من الدُّخول عليكَ إلاّ هذا - يعني سلمانَ وأصحابهُ - ولو أنَّا إذا دخلنا عليكَ أخرَجْتَهم عنا لاتَّبعناكَ، إنه ليؤذِينا ريحهُ أما يؤذيكَ ريحهُ؟ فأنزلَ اللهُ في سلمان وأصحابهِ هذه الآية. ومعناها: واحبسْ نفسكَ أيُّها النبيُّ مع الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وتعظيمَهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾؛ أي لا تَصْرِفْ بصرَكَ عنهم لفقرهِم إلى غيرِهم من ذوي الهيئاتِ والزِّينة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾؛ أي مجالسةِ أهل الشَّرف والغِنَى (تريدُ) هاهنا في موضعِ الحال أي مُريداً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾؛ يريدُ عُيَيْنةَ وأبناءَهُ، أي لا تطِعْهم في تنحيةِ الفُقراءِ عنكَ ليجلسوا إليك، ومعنى: ﴿ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ﴾ أي جعلنَاهُ غافلاً عن القُرْآنِ والإسلام. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾ أي ضَيَاعاً ونَدَماً، وَقِيْلَ: هلاكاً، وَقِيْلَ: مُخالفاً للحق، وَقِيْلَ: بَاطلاً، وَقِيْلَ: معناه: ضَيَّعَ أمرَهُ وبطلَ أيامه.