قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ﴾؛ أي قُلِ القُرْآنُ والدلالاتُ على وحدانيَّة الله ونبوَّة رسولهِ هو الحقُّ من ربكم، و(الحقُّ) مرفوعٌ على الحكاية، وَقِيْلَ: خبرُ مبتدأ مُضْمَرٍ؛ أي هو الحقُّ؛ والمعنى: وقُلْ يا مُحَمَّدُ لِهؤلاء الذي أغفَلْنا قلوبَهم عن ذِكرنا: أيُّها الناس الذي أُنذركم به (الْحَقُّ مِنْ رَبكُمْ)، لَم أتكلَّمْ به مِن قِبَلِ نفسِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾؛ تَهديدٌ بلفظِ الخبر، والمعنى: فمَن شاءَ فيؤمن، ومن شاء فيكفرُ.
﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾؛ فقد أعدَّ لكم ناراً على كُفركم أحاطَ بكم سرادقها؛ قال ابنُ عبَّاس: (السُّرَادِقُ: حَائِطٌ مِنَ النَّار يُحِيْطُ بهِمْ). وَقِيْلَ: دخانٌ يحيطُ بهِمْ قَبْلَ أن يَصِلْوا إلى النار. وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ قال: (سُرَادِقُ النَّارِ أرْبَعَةُ جُدُرٍ، غِلَظُ كُلِّ جِدَارٍ مَسِيْرَةُ أرْبَعِيْنَ سَنَةَ، فَهَذِهِ الْجُدُرُ مُحِيْطَةٌ بهِمْ). وقال ابنُ عبَّاس: (مَعْنَى الآيَةِ: فَمَنْ شَاءَ اللهُ لَهُ الإيْمَانَ آمَنَ، وَمَنْ شَاءَ لَهُ الْكُفْرَ كَفَرَ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ ﴾؛ معناهُ: وإنْ يستَغيثُوا من شدَّة الحرارةِ يُغاثوا بماءٍ كَعَكَرِ الزَّيت أسودَ غليظ، وَقِيْلَ: إن الْمُهْلَ هو الصُّفُرُ المذابُ، ويقالُ: هو القيحُ والدم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ ﴾؛ أي إذا قَرُبَ البشر منه أنضجَ الوجهَ بحرارتهِ، وأسقطَ فَرْوَةَ وجههِ ولحمَهُ فيه.
﴿ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ ﴾؛ النارُ؛ ﴿ مُرْتَفَقاً ﴾؛ أي ساءَتْ مُتَّكَأً لَهم، مأخوذٌ من المرْفَقِ؛ لأنَّهم يتَّكِؤنَ على مرافِقِهم، وَقِيْلَ: معناهُ: وساءَتْ مَنْزلاً ومَقَرّاً، وَقِيْلَ: مُجتمعاً مأخوذٌ من المرافقةِ.