قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ ﴾؛ أي اضرِبْ يا مُحَمَّدُ لِهؤلاء المتكبرين المترَفين مِن قومِكَ الذين سألوكَ طردَ فقراءِ المؤمنين صفةَ الحياة الدُّنيا في بقائها وفنائِها؛ كَمَاءٍ أنزَلْنَاهُ ﴿ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ ﴾؛ فَنَجَعَ في النَّباتِ حتى خالطَهُ، وأخذ النباتُ زُخْرُفَهُ فصار أجناساً مختلفةً بعضُها مخلَّطٌ ببعضٍ؛ ﴿ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ ﴾؛ متفتِّتاً، والهشيمُ ما تَكَسَّرَ وَانْحَطَمَ، ثم فرَّقتْهُ الرياحُ، وطارت به كما يطيرُ بأشياءٍ خفيفة فلا يبقَى له أثرٌ، كذلك الدُّنيا يفنى منها كلُّ شيء كما لا يبقَى من الهشيمِ شيءٌ؛ ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً ﴾؛ أي لَم يزل قادراً على خَلْقِ الأشياء. قالتِ الحكماءُ: شبَّهَ اللهُ الدنيا بالماءِ؛ لأن الماءَ لا يستقرُّ في موضعٍ، كذلك الدُّنيا لا تُبقِي على أحدٍ.