قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾؛ أي مما ينتفعُ به في الدُّنيا لا في الآخرةِ؛ ﴿ وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾ قِيْلَ: إنَّها الصلواتُ الخمسُ، وَقِيْلَ: جميعُ الطاعاتِ. وسُمِّيت الباقياتُ لبقاء ثوابها للإنسانِ، بخلاف الأموالِ والأولاد التي لا تبقَى. وقال ابنُ عبَّاس وعكرمةُ ومجاهد: (هِيَ قَوْلُ الْعَبْدِ: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالْحَمْدُ للهِ؛ وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ؛ وَاللهُ أكْبَرُ). يدلُ عليه ما رُويَ عن أبي الدَّرداءِ:" أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أخَذ غُصْناً فحرَّكَهُ حتى سقطَ ورَقهُ، فقالَ: " إنَّ الْمُسْلِمَ إذا قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالْحَمْدُ للهِ؛ وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ؛ وَاللهُ أكْبَرُ، تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتَّ هَذا، خُذْهُنَّ إلَيْكَ يَا أبَا الدَّرْدَاءِ قَبْلَ أنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُنَّ، فإنَّهنَّ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ". وعن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:" خُذُوا حَسْبَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالْحَمْدُ للهِ وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ؛ وَاللهُ أكْبَرُ؛ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ، فَإنَّهُنَّ الْمُقَدِّمَاتُ؛ وَهُنْ الْمُنْجِيَاتُ؛ وَهُنَّ الْمُعَقِّبَاتُ؛ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ "وقال عثمانُ بن عفَّان وابنُ عمرَ وسعيدُ بن المسيَّب: (هُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالْحَمْدُ للهِ؛ وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ؛ وَاللهُ أكْبَرُ؛ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيْمِ). وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" " اسْتَكْثِرُواْ مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ " قِيْلَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " التَّكْبيْرُ؛ وَالتَّهْلِيْلُ؛ وَالتَّسْبيْحُ؛ وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيْمِ " "وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إنْ عَجَزْتُمْ عَنِ اللَّيْلِ أنْ تُكَابدُوهُ، وَعَنِ الْعَدُوِّ أنْ تُجَاهِدُوهُ، فَلاَ تَعْجَزُواْ عَنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ؛ وَالْحَمْدُ للهِ؛ وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ؛ وَاللهُ أكْبَرُ. فإنَّهَا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ ". وَقِيْلَ: هِيَ كلُّ عملٍ صالح يُثاب عليه. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ﴾ أي أفضلُ ثواباً، وأفضلُ أملاً من المالِ والبنين.