قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾؛ قد تقدَّم تفسيرهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ ﴾؛ تقدَّم أيضاً، الخلافُ في أنه من الملائكةِ أم من الجنِّ، بَنِي الجانِ، والصحيحُ أنهُ من بَنِي الجانِّ جنسٌ غير جنسِ الملائكة؛ لأنَّ الملائكةَ رُسُلُ اللهِ، ولا يجوزُ على رسولِ مِن رُسُلِ اللهِ أن يكفرَ.
﴿ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ﴾؛ أي خرجَ عن طاعةِ ربهِ، وَقِيْلَ: ردَّ أمرَ ربهِ.
﴿ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي ﴾؛ هذا استفهامٌ بمعنى الإنكارِ، يقولُ: كيفَ تطيعونَهُ وقد فَسَقَ.
﴿ وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ﴾؛ وهو اليومُ عدوٌّ لكم.
﴿ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ﴾؛ ما استبدلَ الظَّالِمون عن رب العزَّة إبليسَ لَعَنَهُ اللهُ حيث تركوا طاعةَ مَن خَلَقَهم، وأنعمَ عليهم، ويجازيهم جنةَ الْخُلْدِ، وأطاعوا مَن يؤدِّيهم إلى العقاب الدائم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَذُرِّيَّتَهُ ﴾.
قال قتادةُ والحسن: (يَعْنِي أوْلاَدَ إبْلِيْسَ؛ وَهُمْ يَتَوَالَدُونَ، كَمَا يَتَوَالَدُ بَنُو آدَمَ)، قال مجاهدُ: (فَمِنْ ذُرِّيَّةِ إبْلِيْسَ وَلْهَانُ؛ وَهُوَ صَاحِبُ الطَّهَارَةِ وَالصَّلاَةِ، وَزَلْيَِنُورُ صَاحِبُ رَايَةِ إبْليْسَ لِكُلِّ سُوقٍ، وَدِثِّيْرُ صَاحِبُ الْمَصَائِب يَأْمُرُ بضَرْب الْوَجْهِ وَالدُّعَاءِ بالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَغَيْرِ ذلِكَ، وَالأَعْوَرُ وَهُوَ صَاحِبُ أبْوَاب الزِّيَادَةِ، وَمَنْيُوطُ وَهُوَ صَاحِبُ الأَخْبَار يَأْتِي بهَا فَيُلْقِيَهَا فِي أفْوَاهِ النَّاسِ فَلاَ يُوجَدُ لَهَا أصْلٌ، وَدَاسِمُ هُوَ الَّذِي إذا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلَمْ يُسَلِّمْ وَلَمْ يَذْكِرِ اسْمَ اللهِ ضَرَّهُ فِي الْمَتَاعِ مَا لَمْ يُرْفَعْ وَلَمْ يُوضَعْ فِي مَوْضِعِهِ، وَإذا أكَلَ وَلَمْ يَذْكِرِ اسْمَ اللهِ أكَلَ مَعَهُ. وَمِنْ أوْلاَدِ إبْلِيْسَ الْهَفَّافُ وَمُرَّةُ، وَبهِ كَانَ يُكْنَى أبَا مُرَّةَ). وقال ابنُ زيدٍ: (إنَّ إبْلِيْسَ أبُو الْْجِنِّ، كَمَا أنَّ آدَمَ أبُو الإنْسِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لإبْلِيْسَ: إنِّي لاَ أخْلُقُ لآدَمَ ذُرِّيَّةً إلاَّ جَعَلْتُ لَكَ مِثْلَهَا، فَلَيْسَ مِنْ وَلَدِ آدَمَ أحَدٌ إلاَّ بشَيْطَانٍ قُرِنَ بهِ).


الصفحة التالية
Icon