قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ ﴾؛ أي فخَلَفَ مِن بعد هؤلاء الأنبياءِ المذكورين والصالحينَ ﴿ خَلْفٌ ﴾ أي قومُ سُوءٍ وهم اليهودُ والنصارى ومَن لَحِقَ بهم. يقالُ في الرداءةِ: خَلْفٌ بإسكانِ اللام، وفي الصَّلاَحِ: خَلَفٌ بفتحِ اللام. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ ﴾ أي أخَّرُوها عن مواقيتِها لغيرِ عُذر، وَقِيْلَ: تَرَكُوها أصلاً. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ ﴾ يعني المعاصِيَ وشربَ الخمرِ، واشتغَلُوا بالملذات في ما حُرِّمَ عليهم، وآثرُوها على طاعةِ الله تعالى. قال وهبٌ: (شَرَّابُونَ الْقَهَوَاتِ؛ لَعَّابُونَ بالْكِعَابِ؛ رَكَّابُونَ الشَّهَوَاتِ؛ مُتَّبعُونَ الْمَلَذاتِ؛ تَاركُونَ الْجَمَاعَاتِ؛ مُضَيِّعُونَ الصَّلَوَاتِ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً ﴾؛ قال ابنُ مسعودٍ وعطاء: (هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيْدُ الْقَعْرِ)، قال ابنُ عبَّاس: (الْغَيُّ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَسْتَعِيْذُ أوْدِيَةُ جَهَنَّمُ مِنَ حَرِّهِ أُعِدَّ لِلزَّانِي وَشَارِب الْخَمْرِ وَآكِلِ الرِّبَا وَأهْلِ الْعُقُوقِ وَلِشَاهِدِ الزُّورِ، وَلإمْرَاةٍ أدْخَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا وَلَداً مِنْ غَيْرِهِ). وَقِيْلَ: الغَيُّ وَادٍ في جهنَّمَ يسيلُ قيحاً ودَماً أُعِدَّ للغاوينَ، فسُمي غَيّاً؛ لأنهُ جزاءُ الْغَيِّ، كما قالَ تعالى﴿ يَلْقَ أَثَاماً ﴾[الفرقان: ٦٨] أي جزاءَ الإثمِ. وقال كعبٌ: (الْغَيُّ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ أبْعَدُهَا قَعْراً وَأشَدُّهَا حَرّاً، فِيْهِ بئْرٌ يُسَمَّى بَهْغَمُ، كُلَّمَا خَبَتْ جَهَنَّمُ فُتِحَ لَهَا بَابٌ إلَى تِلْكَ الْبئْرِ فَتُسْعَرُ بهِ جَهَنَّمُ).


الصفحة التالية
Icon