قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ ﴾؛ هذا استفهامُ تقريرٍ بمعنى الخبرِ، قد أتاكَ حديثُ موسى.
﴿ إِذْ رَأَى نَاراً ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس: (كَانَ مُوسَى عليه السلام رَجُلاً غَيُوراً لاَ يَصْحَبُ الرِّفْقَةَ؛ لِئَلاَّ يَرَى أحَدٌ امْرَأتَهُ، فَأَخْطَأَ الطَّرِيْقَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَرَأى نَاراً مِنْ بَعِيْدٍ). ﴿ فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ ﴾؛ أي قالَ لامرأتهِ: أقيموا مَكَانَكُمْ.
﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً ﴾؛ أي رأيتُها وأبصرتُها.
﴿ لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ ﴾؛ أي بشُعلةٍ.
﴿ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴾؛ أي مَن يدلُّني على الطريقِ. قال الفرَّاء: (أرَادَ هَادِياً، فَذُكِرَ بلَفْظِ الْمَصْدَرِ). قال السديُّ: (لأنَّ النَّارَ لاَ تَخْلُو مِنْ أهْلٍ لَهَا وَنَاسٍ عِنْدَهَا). كانت رؤيتهُ للنارِ في ليلةِ الجمعة، وكان قد استأذنَ شُعيباً عليه السلام في الرجوعِ إلى والدتهِ فأذِنَ لهُ، فخرجَ بامرأتهِ، فولدت في الطريقِ في ليلةٍ باردة مثلجة، وقد حادَ عن الطريقِ، فقدحَ فلم يرَ نورَ المقدحة شيئاً، فبينما هو في مداولةِ ذلك إذ أبصرَ ناراً عن يسار الطريق، فقال لامرأتهِ: امْكُثُوا - أي أقِيمُوا مكانَكم - إنِّي أبصرتُ ناراً، لَعَلِّي آتِيْكُمْ مِنْهَا بقَبَسٍ، أوْ أجِدُ عَلَى النَّار مَن يدلُّني على الطريقِ.


الصفحة التالية
Icon