قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ ﴾؛ قال: ما حالُ، وما بيانُ الأُممِ الماضية، لَم يُبعثوا ولَم يُجازَوا على أفعالِهم، ومعنى البالُ: الشأنُ والحالُ. والمعنَى: مَا حَالُهَا، فإنَّها لَم تُقِرَّ بالله، ولكنَّها عبدَتِ الأوثانَ، ويعني بالقُرُونِ الأُولى، مِثْلَ قوم نُوحٍ وعاد وثَمودِ.
﴿ قَالَ ﴾ موسى: ﴿ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ﴾؛ وإذا عَلِمَ لا بدَّ أن يُجازي. وَقِيْلَ: معناهُ: عِلْمُ أعمالِها عند ربي في كتاب الله، أراد به اللَّوحَ الْمَحفُوظَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى ﴾؛ أي لا يذهبُ عليه شيءٌ، ولا يخطئُ ولا ينسى ما كان من أمرِهم حتى يُجازِيهم عليه، وَقِيْلَ: لا يغفلُ ربي ولا يتركُ شيئاً، ولا يغيبُ عنه شيءٌ، وفي هذا دليلٌ أنَّ الله تعالى لَم يكتُبْ أفعالَ العبادِ لحاجتهِ في معرفتها إلى الكتاب، ولكن لمعرفةِ الملائكة. ويقالُ: كان سؤالُ فرعون عن القرونِ الأُولى: هل بُعِثَ فيهم أنبياءُ كما بُعْثْتَ إلينا، فأحالَها على ما في المعلومِ من أمرها.


الصفحة التالية
Icon