قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ ﴾؛ أي أرَيْنَا فرعونَ آياتنا السَّبع كلَّها فَكَذبَ وَأبَى، أي قال: ليست هذه مِن الله، وأبَى أن يُسْلِمَ ويقبلَ، ونسبَ موسى إلى السِّحر؛ فـ ﴿ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا ﴾؛ أي مِصْرَ.
﴿ بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ ﴾؛ أي مِثْلِ ما جِئْتَنَا به.
﴿ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً ﴾؛ أي مِيْقَاتاً وأجَلاً في موضعٍ معلوم.
﴿ لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ ﴾؛ أي لا نجاوزهُ ولا يقع منا خَلْفٌ في حضورهِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَكَاناً سُوًى ﴾؛ أي مكاناً مُستوياً يُبَيِّنُ للناسِ ما بيننا، ويستوي حالُنا من الرِّضى به. وَقِيْلَ: تستوي مسافتهُ على الفريقينِ فتكونُ مسافةُ كلِّ فريقٍ إليه كمسافة الفريق الآخر. فواعدَهُ موسى يوماً مَعْلُوماً وهو قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ ﴾ أي يومُ العيدِ الذي لكم. قال سعيدُ بن جبير: (كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ)، قرأ الحسنُ: (يَوْمَ الزِّيْنَةِ) بنصب الميم؛ أي فِي يوم. وقرأ الباقون بالرفعِ على الخبرِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى ﴾؛ أي ضُحى ذلك اليومِ، وأراد بالناسِ أهلَ مصر، ومعنى يُحشرون أي يجتمعون إلى العيدِ، وإنَّما جعلَ موسى موعدَهم نَهاراً في يومِ اجتماعهم؛ ليكون أبلغَ في الحجَّة، وأبعدَ من الرِّيبة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَن يُحْشَرَ ﴾ يحتمل أن يكون في موضعٍ رفعٍ على معنى موعدٍ كما حُشِرَ الناسُ وقتَ الضُّحى يوم الزينة، ويحتملُ أن يكون في موضعِ خَفْضٍ عَطْفاً على الزينةِ، المعنى يومُ الزينةِ، ويومُ حشرِ الناس في وقتِ الضَّحوة.


الصفحة التالية
Icon