قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلأَعْلَىٰ ﴾؛ عليهم بالظَّفَرِ والغلبة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ ﴾؛ يعني العصَا.
﴿ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوۤاْ ﴾؛ أي تَلْقَمْ وتَبْلَعْ ما طَرحُوا من العصيِّ والحبالِ.
﴿ إِنَّمَا صَنَعُواْ كَيْدُ سَاحِرٍ ﴾؛ أي أنَّ الذي صنعوهُ كَيْدُ سَاحِرٍ. وقُرئ (كَيْدُ سِحْرٍ) كما قالوا بمعنى حذر.
﴿ وَلاَ يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴾؛ أي لا يَغْلِبُ حَقَّكَ بباطلهِ. وَقِيْلَ: لا يُسْعَدُ السَّاحرُ حيث كان. فألقَى موسى عصاهُ فتلقَّفت جميعَ ما صنعوا، ثُم أخذها موسى فرجعت عصا كما كانت.
﴿ فَأُلْقِيَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوۤاْ آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ﴾؛ فما رفَعُوا رؤوسَهم حتى رأوا الجنةَ والنار، ورأوا ثوابَ أهلِها، فعندَ ذلك قالوا: (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ البيِّنات) يعني الجنةَ والنار، وما رأوا مِن درجاتِهم. قال: وكانتِ امرأةُ فرعون تسألُ مَنْ غَلَبَ؟ فقيل لَها: موسى، فقالت: آمنتُ برب موسى وهارون، فأرسلَ إليها فرعونُ، فقال: انظرُوا إلى أعظمِ صخرة تَجدونَها فأْتُوها، فإنْ هي رجعت عن قولِها وإلاّ فألْقُوها عليها، فلما أتَوها رفعت ببصرِها إلى السَّماءِ فرأتِ الجنَّةَ فقالت:﴿ رَبِّ ٱبْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي ٱلْجَنَّةِ ﴾[التحريم: ١١] فانْتُزِعَتْ روحُها، والصخرةُ على جسدٍ لا روحَ فيه.