قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ بَلْ قَالُوۤاْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ ﴾؛ أي قالَ الكفارُ: إنَّ ما أُتِيَ به مُحَمَّدٌ تَخالِيْطُ رُؤْيَا رآها في الْمَنَامِ، و (بَلْ) ها هنا انتقالٌ إلى خبرٍ آخرَ عنهم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ بَلِ ٱفْتَرَاهُ ﴾ أي قالوا اخْتَلَقَهُ كَذِباً من تلقاءِ نفسه، ثُم قالوا: (بَلْ هُوَ شَاعِرٌ) فجعلوا يَنْقِضُونَ أقوالَهم قولَ متحيِّرٍ لا يُمْكِنُهُ الجزمُ على أمرٍ واحد. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ ﴾؛ بالآياتِ، نحوُ انقلاب البحر، وإحياءِ الموتى، والناقة والعصا. فقال اللهُ تعالى مُجيباً لَهم: ﴿ مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ ﴾؛ أي ما آمَنَتْ قَبْلَ مشركي مكَّة ﴿ مِّن قَرْيَةٍ ﴾ يعني أهلَها، والمعنى: ما آمَنَتْ من قريةٍ مُهْلَكَةٍ بالآياتِ الْمُرْسَلَةِ، فكيفَ يُؤْمِنُ هؤلاء؟ والمعنى: أنَّ مَجِيْءَ الآياتِ لو كان سَبَباً للإيْمانِ من غيرِ إرادة الله لكان سَبباً لإيْمانِ أولئكَ، فلما بَطَلَ ذلك بَطَلَ هذا.


الصفحة التالية
Icon