قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ ﴾؛ قِيْلَ: إن الواوَ ها هنا مُقْحَمَةٌ، والمعنى: حَتَّى إذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ اقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ، يكون ذلكَ عندَ اقتراب السَّاعة، وذكَرَ الوعدَ والمراد به الْمَوْعِدَ. رُوي عن حذيفةَ رضي الله عنه أنَّهُ قالَ: (لَوْ أنَّ رَجُلاً اقْتَنَى فُلُوّاً بَعْدَ خُرُوجِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَمْ يَرْكَبْهُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾؛ أي تَشْخَصُ أبصارُهم يومَ القيامة نحو الجهةِ التي يتوقَّعون نزولَ العذاب بهم منها. وَقِيْلَ: خَشَعَتْ أبصارُهم من شدَّة الأهوالِ ذلكَ اليوم. قال الكلبيُّ: (شَخَصَتْ أبْصَارُهُمْ فَلاَ تُطِيْقُ تَطْرُفُ مِنْ شِدَّةِ الأَهْوَالِ)، فأما الضميرُ في قولهِ ﴿ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ ﴾ يعودُ إلى معلومٍ قد بَيَّنَهُ وهو قولهُ ﴿ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾، كقولِ الشاعر: لَعَمْرُ أبيْهَا لاَ تَقُولُ ظَعِيْنَتي   إلاَّ فَرَّ عَنِّي مَالِكُ بْنُ أبي كَعْبفكنى عن الظعينة ثم أظهرها ويكونُ تقديرُ الكلامِ: فإذا الأَبْصَارُ شَاخِصَةٌ أبْصَارُ الَّذِيْنَ كَفَرُوا. وَقِيْلَ: يكون قوله (هِيَ) عمادٌ مثلُ قوله﴿ فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى ٱلأَبْصَارُ ﴾[الحج: ٤٦].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يٰوَيْلَنَا ﴾؛ أي قالوا يَا وَيْلَنَا؛ ﴿ قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا ﴾؛ اليومِ في الدُّنيا.
﴿ بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾؛ لأنفُسِنا بالكفرِ.


الصفحة التالية
Icon