قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ﴾؛ أي ذلِكَ الذي أُمِرْتُمْ به، ومَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ باجتناب ما حَرَّمَ اللهُ تعظيماً للهِ فهو خيرٌ له في الآخرةِ مِن تَرْكِ استعظامهِ. وقال بعضُهم: الْحُرُمَاتُ ها هنا البيتُ الحرامُ والبلد الحرامُ والشهر الحرام والمسجدُ الحرام. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ﴾ أي قال: المعظِّم خيرٌ له عند رَبهِ من التَّهَاوُنِ، يعني في الآخرةِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ ﴾؛ أي رُخِّصَتْ لكم بَهيمة الأنعامِ أن تأكلوها.
﴿ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ﴾؛ في كتاب الله من الْمَيْتَةِ والدمِ وغير ذلك مما بَيَّنَهُ اللهُ في سورة المائدةِ من الْمُنْخَنِقَةِ وَالْمَوْقُوذةِ وَالْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيْحَةِ ومما لَم يُذْكَر اسمُ الله عليهِ. وَقِيْلَ: معناهُ: وأُحِلَّتْ لكم بَهيمةُ الأنعامِ في حال إحرامِكم إلاَّ ما يُتْلَى عليكم من الصَّيدِ، فإنه حرامٌ في حال الإحرامِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ ﴾؛ أي فَاجْتَنِبُوا عبادتَها وتعظيمَها وأن تذبَحُوا لَها، كما يفعلُ المشركون، سَمَّاها رجْساً اسْتِقْذاراً لَها واستخفافاً لَها، وذلك أنَّ المشركينَ كانوا يَنْحَرُونَ هداياهم، ويَصُبُّونَ عليها الدماءَ، وكانوا مع هذه النَّجاساتِ يعظِّمونَها. ويجوز أن يكون سَمَّاها رجْساً للُزُومِ اجتنابها كاجتناب الأنْجَاسِ. وأما حرفُ (مِنَ) في قولهِ (مِنَ الأوْثَانِ) لتخصيصِ جنسٍ من الأجناس، والمعنى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ الذي هو مِن وَثَنٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ ﴾؛ يعني قولَ الكذب، ومِن أعظمِ وجُوهِ الكذب الكفرُ بالله، والكذبُ على الله، ويدخلُ في ذلك شهادةُ الزُّور، كما رُوي عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ:" عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بالإشْرَاكِ باللهِ "وقال صلى الله عليه وسلم:" شَاهِدُ الزُّورِ لاَ تَزُولُ قَدَمَاهُ مِنْ مَكَانِهَا حَتَّى تَجِبَ لَهُ النَّارُ ".


الصفحة التالية
Icon