قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً ﴾؛ أي لكلِّ أُمَّةٍ مُسْلِمَةٍ سَبَقَتْ قبلَكم جعلنا لها عِيْداً، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ ﴾؛ عند الذبْحِ. وَقِيْلَ: معناهُ: ولكلِّ أُمَّةٍ جعلنا عِبَادَةً في الذبْحِ. وَقِيْلَ: معناهُ: جعلنا مُتَعَبَّداً يعبدون اللهَ فيه. قرأ أهلُ الكوفة (مَنْسِكاً) بكسرِ السِّين؛ أي مَذْبَحاً وهو موضعُ القُرْبَانِ، وقرأ الباقون بفتحِ السِّين على المصدر مثل الْمَدْخَلِ والْمَخْرَجِ؛ أي هِرَاقَةُ الدَّمِ أو ذبحُ القُرُبَاتِ، فمَن فتحَ السين أخذهُ من نَسَكَ يَنْسُكُ مثل دَخَلَ يَدْخُلُ، ويستوي فيه المكان والمصدرُ، ومَن كسَرَها أخذهُ من نَسِكَ يَنْسِكُ مثل جَلَسَ يَجْلِسُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ ﴾؛ أي أخْلِصُوا دِينَكم وأعمالكم للهِ تعالى.
﴿ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ ﴾؛ أي المتواضعين بالجنَّة، واشتقاقُ الْمُخْبتِيْنَ مِنَ الْخَبَتِ وهو المكانُ المطمئنُ، وقال مجاهدُ: (يَعْنِي الْمُخْبتِينَ: الْمُطْمَئِنِّيْنَ إلَى اللهِ)، وقال الأخفشُ: (الْخَاشِعِيْنَ)، وَقِيْلَ: الخائفينَ، وَقِيْلَ: هم الذين إذا ظلموا لا ينصرون.