قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ ﴾؛ أي وأنْبَتْنَا بذلكَ المطرِ شجرةً وهي الزيتونةُ تخرجُ من جبلِ سَيْنَاءَ للبركةِ، كأنه قالَ: من جبلِ البركةِ. وقُرِئ (طُورِ سَيْنَاءَ) بفتح السِّين. واختلفُوا في المرادِ بالطُّورِ، قال بعضُهم: هذا الجبلُ الذي نادَى موسَى ربَّهُ عندَهُ. يقالُ: إن أصلَ شجرةِ الزيتون من ذلكَ الجبلِ؛ أي أوَّلُ ما غُرِسَتْ فيه. وقال بعضُهم: هو جبلٌ بالشَّام كثيرُ الأشجارِ والأثْمارِ. وَقِيْلَ عن الزيتونةِ: أولُ شجرةٍ نَبتَتْ في الأرضِ بعد الطُّوفانِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ ﴾؛ قرأ أكثرُ القرَّاءِ (تَنْبُتُ) بفتح التاءِ وضمِّ الباء؛ أي تنبتُ بثمار الدُّهن يعني الزَّيْتَ. وقرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عمرو بضمِّ التاءِ وكسرِ الباء، ومعناهُ معنى الأولِ. والباءُ في قولهِ تعالى (بالدُّهْنِ) للتعدِّي، يقالُ: أنْبَتَهُ وَنَبَتَ بهِ، وَنَبَتَ الشَّيْءُ وَأنْبَتَ بمعنى واحدٍ، قال الشاعرُ: رَأيْتُ ذوي الْحَاجَاتِ حَوْلَ بُيُوتِهِمْ   قَطِيْناً لَهُمْ حَتَّى إذا أنْبَتَ الْبَقْلُويجوزُ أن تكون الباءُ زائدةً على قراءةِ من ضَمَّ التاءَ، كقوله﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ ﴾[البقرة: ١٩٥].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ ﴾ يعني الإدَامَ، لأن الزيتَ إدامٌ يُصْبَغُ به الخبزُ، يقال: صِبْغٌ وصِبَاغٌ كما يقالُ: لِبْسٌ وَلِبَاسٌ.


الصفحة التالية
Icon