قوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً ﴾؛ قال الحسنُ ومجاهد والسديُّ والكلبي وقتادةُ ومقاتل: (الْخِطَابُ فِي هَذِهِ الآيَةِ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ، إلاَّ أنَّهُ ذكَرَهُ بلَفْظِ الْجَمَاعَةِ، لِمَا فِي الْخِطَاب مِنْ تَضْمِيْنِ أنَّ الرُّسُلَ جَمِيْعاً أُمِرُواْ بهَذا الْخِطَاب، وَقِيْلَ لَهُمْ: كُلوُا مِنَ الطَّيِّبَاتِ؛ أيْ مِنَ الْحَلاَلِ، أمَرَهُمُ اللهُ أنْ لاَ يَأْكُلُواْ إلاَّ حَلاَلاً). قال الحسنُ: (أمَا وَاللهِ مَا عَنَى بهِ أصْفَرَكُمْ وَلاَ أحْمَرَكُمْ وَلاَ حُلْوَكُمْ وَلاَ حَامِضَكُمْ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: انْتَهُوا إلَى الْحَلاَلِ مِنْهُ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً ﴾ أي اعمَلُوا ما أمَرَكم به اللهُ وأطيعوه في أمرهِ ونَهيه. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾؛ ظاهرُ المعنى. وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قال:" إنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً، وَإنَّ اللهَ أمَرَ الْمُؤْمِنِيْنَ بَما أمَرَ بهِ الْمُرْسَلِيْنَ، فَقَالَ تَعَالَى ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ﴾ وقال ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾، - ثُمَّ ذكَرَ - الرَّجُلُ يُطِيْلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَهُ إلَى السَّمَاءِ: يَا رَب يَا رَب! مَطْعَمُهُ حَرَامٌ؛ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ؛ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ؛ وَغُذِّيَ بالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟! "ويُروى عن عيسَى: كان يأكلُ من غَزْلِ أُمِّهِ، وكان نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كان يقولُ:" جُعِلَ رزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَنِي "فبيَّن أن رزْقَهُ من الغَنِيْمَةِ وأطيب الطيِّبات الغنيمةُ.