قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ ﴾؛ قال مقاتل والسدي: (الْحَقُّ هَوَ اللهُ) والمعنى: لو جعلَ مع نفسهِ شَريكاً كما تحبُّون.
﴿ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ﴾؛ كقولهِ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾[الأنبياء: ٢٢].
وَقِيْلَ: معناهُ: لو وُضِعَ الحقُّ على أهوائِهم لَهَلَكَ أهلُ السَّماواتِ والأرضِ؛ لأنَّ الحقَّ يدعُو إلى الْمَحَاسِنِ، والْهَوَى يدعُو إلى الْقَبَائِحِ، ولو جُعِلَ الْهَوَى مَتْبُوعاً لبَقِيَتِ الأمورُ على الظُّلم والجهالاتِ، فتُخْلَطُ الأمورُ أقبحَ الاختلاطِ، ولَم يُوثَقْ بالوعدِ والوعيد، فأدَّى ذلك إلى الفسادِ؛ لأن الْهَوَى هو ميلُ النفسِ إلى الْمُشْتَهَى من غيرِ داعي الْهَوى. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ ﴾؛ أي أعطَيناهُم القُرْآنِ الذي فيه عِزُّهُمْ وشَرَفُهُمْ، وأُمِرُوا بالعملِ بما فيه.
﴿ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ ﴾؛ الْقُرْآنَ.
﴿ مُّعْرِضُونَ ﴾؛ وهو نظيرُ قولهِ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾[الزخرف: ٤٤] وقولهِ﴿ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ ﴾[الأنبياء: ١٠] والمعنَى: تَوَلَّوا عمَّا جاءَهم به من شَرَفِ الدُّنيا والآخرةِ.