قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَ ﴾؛ معناهُ: ألَمْ تعلَمْ؛ ﴿ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ ﴾؛ أي يُنَزِّهُهُ؛ ﴿ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ مِن العُقَلاَءِ وغيرِهم، وكَنَّى عن الجميعِ بكلمة (مَنْ) تغليباً للعقلاءِ على غيرِهم. وَقِيْلَ: أرادَ بالآيةِ العقلاءَ، وهذا عمومٌ أرادَ به الخصوصَ في أهلِ الأرض وهم المؤمنونَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ ﴾؛ أي ويسبحُ له الطيرُ باسطاتٍ أجنِحَتِها في الهواءِ، والبَسْطُ في اللغة: الصَّفُّ، والصَّفُّ في اللغة هو البَسْطُ، ويسمَّى القَدِيْدُ صَفِيْفاً لأنه يُبْسَطُ. وخصَّ الطيرَ بالذِّكرِ من جُملةِ الحيوان؛ لأنَّها تكون بين السَّماء والأرضِ، وهي خارجةٌ عن جُملة مَن في السَّماواتِ والأرضِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ كُلٌّ ﴾؛ أي كلٌّ مِن هؤلاء.
﴿ قَدْ عَلِمَ ﴾؛ اللهُ؛ ﴿ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ﴾.
قال المفسِّرون: الصلاةُ لبني آدمَ، والتسبيحُ عامٌّ لِما سواهم من الخلقِ. وفيه وجوهٌ مِن التأويلِ: أحدُها: كلُّ مُصَلٍّ ومُسَبحٍ قد عَلِمَ اللهُ تعالى صلاتَهُ وتسبيحَهُ، والثانِي: أن معناهُ: كُلُّ مُصَلٍّ ومسبحٍ قد عَلِمَ صلاةَ نفسهِ وتسبيحَ نفسهِ، والثالثُ: قد عَلِمَ كلٌّ منهم تسبيحَ اللهِ وصلاتَهُ.
﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾؛ من الطاعةِ وغيرِها. وقولهُ تعالى: ﴿ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾؛ أي له تقديرُهما وتدبيرُهما وتصريفُ أحوالِهما.
﴿ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾.