قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ﴾؛ أي كذبَكم المعبودُ بقولِكم: إنَّها آلِهَةٌ شركاءُ اللهِ، ومَن قرأ (بمَا يَقُولُونَ) بالياء؛ فالمعنى: كذبُوهم بقولِهم﴿ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ ﴾[الفرقان: ١٨].
قال عكرمةُ والضحَّاك والكلبيُّ: (يَأْذنُ اللهُ لِلأَصْنَامِ فِي الْكَلاَمِ وَيُخَاطِبُهَا فَيَقُولُ: أنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أمْ أمَرْتُمُوهُمْ بعِبَادَتِهِمْ إيَّاكُمْ؟ أمْ هُمْ ضَلُّواْ السَّبيْلَ؟ قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أنْ نَتَّخِذ مِنْ دُونِكَ مِنْ أوْلِيَاءَ، وَلَكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ؛ أي أطَلْتَ أعْمَارَهُمْ وَوَسَّعْتَ عَلَيْهِمُ الرِّزْقَ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ؛ أي ترَكُوا القُرْآنَ فَلَمْ يَعْمَلُواْ بمَا فِيْهِ). وَقِيْلَ: نَسُوا الإيْمَانَ والتوحيدَ، وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً، فيقول اللهُ للمشركينَ: ﴿ فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ﴾.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً ﴾؛ أي لا يقدِرُون على صَرْفِ العذاب عن أنفُسِهم ولا على نَصْرِ أنفسهم، ودفعِ العذاب والبلاءِ الذي هم فيه، ولا أن ينتَصِرُوا مِن مَعبُودِهم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً ﴾؛ أرادَ بالظُّلْمِ الشركَ، ومَن يُشْرِكْ باللهِ نُذِقَهُ فِي الآخرةِ عَذاباً شَديداً.