قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾؛ قال ابن عباس: (نزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ بمَكَّةَ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ قَالُواْ: مَا يُغْنِي عَنَّا الإسْلاَمُ وَقَدْ عَدَلْنَا باللهِ وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ وَأتَيْنَا الْفَوَاحِشَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ). ومعناها: إلاّ مَن تَابَ عن الكفرِ والمعصية وآمَنَ باللهِ وَعَمِلَ عَمَلاً صالحاً بعدَ الإيْمَانِ والتوبةِ، فأُولَئِكَ يَمحُو اللهُ سيِّئاتِهم بالتوبةِ ويُثْبتُ لَهم مكانَها حسناتٍ، وهذا هو معنى التَّبديلِ، لا تصيرُ السَّيئةُ بعينها حسنةً. وعن ابنِ عباس أنهُ قال: (قَرَأنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ﴿ وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ ﴾ الآيَةُ ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ﴾ الآيَةُ، فَمَا رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرِحَ بشَيْءٍ مِثْلَ فَرَحِهِ بهَا وَبقَوْلِهِ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً ﴾[الفتح: ١]). قال قتادةُ: (وَمَعْنَاهَا: إلاَّ مَنْ تَابَ مِنْ ذنْبهِ وَآمَنَ برَبهِ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبهِ). وَقال أيضاً في معنى قوله ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾: (التَّبْدِيْلُ فِي الدُّنْيَا طَاعَتُهُ بَعْدَ عِصْيَانِهِ، وَذِكْرُ اللهِ بَعْدَ نِسْيَانِهِ). وقال الحسنُ: (أبْدَلَهُمْ اللهُ بالْعَمَلِ إلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ بالشِّرْكِ إخلاَصاً وَإسْلاَماً، وَبالْفُجُورِ إحْصَاناً، وَبقَتْلِ الْمُؤْمِنِيْنَ قَتْلَ الْمُشْرِكِيْنَ).


الصفحة التالية
Icon