قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ ﴾؛ أي واذْكُرْ إذ قَالَ مُوسَى لامرأتهِ: ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً ﴾؛ أبْصَرْتُهَا، وكانت امرأتهُ يومئذ ابنة شُعيب عليه السلام، فقال لَها حين ضَلَّ الطريقَ: أنِّي أبصرتُ ناراً، فامْكُثوا ها هنا.
﴿ سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ ﴾، أي حتَّى آتِيكُم من عندِ النار بخبرِ الماء والطريق، فإن لَم أجِدْ أحداً يُخبرنِي عن الطريقِ آتيكم بشعلةِ نارٍ، وهو قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ ﴾؛ والشِّهَابُ: خَشَبَةٌ فيها نورٌ ساطعٌ.
﴿ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾؛ أي لكي تَصْطَلُوا من البَرْدِ، وكان ذلك في شدَّةِ الشِّتاء، يقالُ: صَلَى بالنار وَأصْلَى بها إذا استدفأ، والمعنى: أو آتِيكُمْ بالشُّعلةِ المقبسَةِ من النار لكي تذودُوا من البردِ. والشِّهَابُ: هو النارُ الْمُسْتَطَارُ، ومنه قولهُ﴿ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ﴾[الصافات: ١٠] والقبَسُ والْجَذْوَةُ: كلُّ عودٍ أُشْعِلَ في طرفهِ نارٌ. قرأ أهلُ الكوفة (بشِهَابٍ قَبَسٌ) منوَّن على البدل أو النعتِ للشهاب.