قوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾ يجوزُ أن يكون ابتداءُ خطابٍ من اللهِ، ويجوزُ أن يكون من قولِ الْهُدْهُدِ أو من قولِ سُليمان. قرأ الكسائيُّ والأعرجُ ويعقوب وحميدُ وأبو جعفرٍ: (ألاَ يَسْجُدُواْ) بالتخفيف: ألاَ يا هؤلاءِ اسْجُدُوا، جعلوهُ من أمرِ الله مستأنَفاً، وحذفُوا (هَؤُلاَءِ) اكتفاءً بدلالةِ (يَا) عليها، فعلى هذه القراءةِ (اسْجُدُواْ) في موضع جزمٍ على الأمرِ والوقفُ عليه (ألاَ يَا)، ثُم يبتدئُ (اسْجُدُوا)، وفي قراءةِ عبدِالله (هَلاَّ يَسْجُدُواْ للهِ). وقرأ الباقونَ (ألاَّ يَسْجُدُواْ) بالتشديدِ على معنى وزَيَّنَ لَهم الشيطانُ ألاَّ يَسْجُدُوا. وقولهُ تعالى: (يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ)، الْخَبَأَُ: كلُّ ما غابَ عن الإدراك، مصدرٌ وقد وقعَ موقع المفعولِ كالْخَلْقِ بمعنى المخلوقِ والعلمِ بمعنى المعلومِ، وخبَأُ السَّماوات: الأمطارُ، وخبأُ الأرض: النباتُ، فعلى هذا تكون (فِي) بمعنى (مِن). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ﴾؛ أي يعلمُ ما يُخفون في قُلوبهم، وما يُعلِنون بألسنتِهم، وفي قراءةِ الكسائيِّ بالتاء، لأنَّ أولَ الآية خطابٌ على قراءتهِ بتخفيف (ألاَ) يا اسجُدوا.