قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ ﴾؛ أي تَشَاءَمْنَا بكَ وبمَن معكَ بما لَحِقَنَا من نُقصَانِ الزَّرعِ والثمار والمياهِ. والتَّطََيُّرُ: هو التَّشَاؤُمُ، وأصلهُ: تَطَيَّرْنَا بكَ وَبمَنْ مَعَكَ، وذلكَ أنه قحط المطرِ عنهم وجَاعُوا فقالوا: أصَابَنَا هذا البلاءُ والضرُّ من شُؤمِِكَ وشُؤْمِ أصحابكَ. وإنَّما ذُكِرَ التطيُّرُ بلفظِ التَّشَائُمِ على عادةِ العَرَب في نِسْبَتِهِمُ الشُّؤْمَ إلى ما يَأْتِي من الطَّيرِ ناحيةَ اليَدِ الشِّؤمَى وهي اليُسْرَى، ويُسَمُّونَ الطَّيرَ الذي يأتِي من ناحية اليد اليُسْرَى البَارحُ، وأما الطَّيْرُ الذي يأتِي من ناحيةِ اليد اليُمْنَى فهو السَّانِحُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ ﴾؛ أي قال لَهم صالِحُ عليه السلام رَدّاً عليهم: ﴿ طَائِرُكُمْ عِندَ ٱللَّهِ ﴾ أي الشُّؤْمُ أتَاكُم من عندِ الله بكُفْرِكُمْ، وهذا الذي أصَابَكم من الْجَدْب والخصب عندَ الله مكتوبٌ عليكم، لاَزمٌ لكم في أعنَاقِكم وليسَ ذلك إلَيَّ ولا علمهُ عندِي، وهذا كقولهِ﴿ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَلاۤ إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ ٱللَّهِ ﴾[الأعراف: ١٣١].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴾؛ أي تَخْسَرُونَ في الدُّنيا باختلافِ الأحوالِ من الخير والشرِّ. وَقِيْلَ: معناهُ: بل أنتُمْ قومٌ تُعَذبُونَ بذُنُوبكُمْ. وَقِيْلَ: تُمْتَحَنُونَ بإرسَالِي إليكُم لِتُثَابُوا على مُتابَعَتِي، وتُعَاقَبُوا على مُخَالَفَتِي. وَقِيْلَ: بمعنى ﴿ تُفْتَنُونَ ﴾ أي تُعاقَبون كما في قولهِ تعالى:﴿ ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ ﴾[الذاريات: ١٤] أي عُقوبَتَكُمْ.