قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً ﴾؛ أي مستقرَّةً لا تَميلُ بأهلِها، بل جعلَها مَسْكَناً يَسِيرُونَ فيها ويصرفون عليها، فلا هي تضطربُ بهم، ولا هي حَزْنَةٌ غليظةٌ مثلَ رُؤوسِ الجبالِ. وقولهُ تعالى: ﴿ وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً ﴾؛ أي جَعَلَ وسَطَ الأرضِ أوديةً وعُيوناً من عَذْبٍ وَمَالِحٍ.
﴿ وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ ﴾؛ أي جَعَلَ على الأرضِ جِبَالاً ثوابتَ وأوديةً أوتاداً لها.
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً ﴾؛ أي بين الْمِلْحِ والعَذْب مانِعاً بلُطفهِ وقدرتهِ فلا يختلطُ أحدُهما بالآخرِ، ولا يبغِي أحدُهما على صاحبهِ، وقولهُ تعالى: ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله ﴾؛ أي مع اللهِ إلهٌ فَعَلَ شيئاً من هذهِ الأشياء.
﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَْْ ﴾؛ توحيدَ ربهم وسلطانه وقدرتهِ. وقولهُ تعالى: ﴿ أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾؛ الْمُضْطَرُّ: الْمَكْرُوبُ الْمَجْهُودُ المدفوعُ إلى ضيقٍ من الأمُور من غَرَقٍ أو مرضٍ أو بلاء أو حبسٍ أو كَرْبٍ إذا دعاهُ.
﴿ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ ﴾؛ فيكشِفُ ضُرَّهُ ويفرجُ عنه فيبعدهُ مِن الغَرَقِ وينجيهِ ويَشفيهِ من المرضِ. ويعافيهِ من البلاء. وقال السديُّ: (الْمُضْطَرُّ الَّذِي لاَ حَوْلَ لَهُ وَلاَ قُوَّةَ)، وقال ذُو النُّونِ: (هُوَ الَّّّذِي قَطَعَ الْعَلاَئِقَ عَمَّا دُونَ اللهِ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلأَرْضِ ﴾؛ أي يأتِي بقومٍ بعد قومٍ، ويخلقُ قَرْناً بعد قَرْنِ، وكلَّما أهْلَكَ قَرْناً أنشأَ آخَرِينَ، فيكون كلٌّ خلفاءٌ لِمَنْ قبلَهم. وقولهُ تعالى: ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾؛ أي إلَهٌ سِوَى اللهِ فَعَلَ ذلكَ.
﴿ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾؛ أي قَلِيلاً ما تتَّعِظُونَ.