قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ ﴾؛ أي وما أنتَ بمُرشِدٍ من أعماهُ الله عن الْهُدَى وأعْمَى عن قلبهِ الإيْمانَ، وَقِيْلَ: معناهُ: كما لا يُمكِنُ إرشادُ الأعمَى إلى قصدِ الطَّريق بالأمَاراتِ الدالَّةِ على الطريقِ، كذلك لا يُمكِنُ هدايةُ القومِ الذين عُمِيَتْ بصائرُهم عن آياتِ الله، وليس على الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ إلاَّ الدعاءَ إلى اللهِ تعالى. وقرأ حمزةُ والأعمش: (وَمَا أنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ) بالتَّاء ونصب الياء على الفعلِ ها هنا وفي الرُّومِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ﴾؛ ما سَمِعَ سَماع إفهامٍ إلاّ مَن يؤمنُ بآياتِنا ويطلبُ الحقَّ بالنظرِ في القُرْآنِ. وقال مقاتلُ: (إلاَّ مَنْ يُصَدِّقُ بالْقُرْآنِ أنَّهُ مِنَ اللهِ) ﴿ فَهُم مُّسْلِمُونَ ﴾؛ أي مُخلِصُونَ بتوحيدِ الله، والمعنَى ما سَمِعَ دعوتَكَ سَماعَ القَبُولِ إلاّ مَن يطلبُ الحقَّ بالنظرِ في آياتِ الله، فلا بدَّ أن يُسْلِمَ في ظهور الدَّلائِلِ.