قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾؛ أي أدْخِلْهَا في جيبكَ.
﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ ﴾؛ لَها شعاعٌ كشُعَاعِ الشَّمسِ.
﴿ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ ﴾؛ أي من غيرِ بَرَصٍ.
﴿ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ ﴾؛ أي ضَعْ يدكَ على صدركَ ليسْكُنَ ما بكَ من الفزعِ، فتصيرَ آمِناً مما كنتَ تخافهُ، وهذا لأنَّ من شَأْنِ الْخَائِفِ أن يرتعدَ ويقلق فيكون ضَمُّ يدهِ إلى نفسهِ في معنى السُّكون. قال مجاهد: (كُلُّ مَنْ فَزَعَ فَضَمَّ جَنَاحَيْهِ إلَيْهِ ذَهَبَ عَنْهُ الْفَزَعُ، وَقَرَأ هَذِهِ الآيَةَ). وَجَناحُ الإنْسَانِ: عَضُدُهُ، ويقالُ: اليدُ كلُّها جَنَاحٌ. وقال بعضُهم: معنى قولهِ ﴿ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ ﴾ أي سَكِّنْ رَوْعَكَ، وضَمُّ الجناحِ هو السُّكون، ومنهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ ﴾[الإسراء: ٢٤] يريدُ الرِّفْقَ، وكذلك قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾[الشعراء: ٢١٥] أي ارْفِقْ بهم، وألِنْ جناحَكَ بهم. وقال الفرَّاء (أرَادَ بالْجَنَاحِ الْعَصَا). وقولهُ تعالى ﴿ مِنَ ٱلرَّهْبِ ﴾ وقُرئ (مِنَ الرَّهَب) أيضاً وهما لُغتان مثل الرُّشْدِ والرََّشَدِ، ويقالُ: إنَّ قوله (مِنَ الرَّهْب) متَّصلٌ بقولهِ (مِنَ الآمِنِيْنَ). قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ ﴾؛ يعني اليدَ والعصا حُجَّتَانِ مِن الله لِمُوسَى على صدقهِ، والمعنى: هما حُجَّتَانِ من ربكَ أرسلناكَ بهما ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ ﴾؛ أي أشرافِ قومه.
﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾؛ أي خَارجِين عن طاعةِ الله تعالى، " وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بتشديد النون " وقرأ الباقونَ بالتخفيف. قال الزجَّاج: (التَّشْدِيْدُ تَثْنِيَةُ ذلِكَ، وَالتَّخْفِيْفُ تَثْنِيَةُ ذاكَ).


الصفحة التالية
Icon