قوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ ﴾؛ يعني القُرُونَ الأُولَى قومَ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ وغيرَهم، كانوا قَبْلَ مُوسَى. وقولهُ تعالى ﴿ بَصَآئِرَ لِلنَّاسِ ﴾ أي أعطَينا موسَى التَّوراةَ من بعدِ ما أهلكنا الأمَمَ الماضيةَ عِظَةً وعِبْرَةً للناسِ ليُبْصِرُوا بها أمرَ دِينِهم؛ أي ليُبصِرُوا بالتوراةِ ويهتَدُوا بها، وهُو قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُدًى ﴾؛ مِن الضَّلالةِ لِمن عَمِلَ به؛ أي بالكتاب ﴿ وَرَحْمَةً ﴾؛ لِمن آمَنَ به.
﴿ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾؛ أي يتذكَّرُوا بما فيه من المواعظ والبصائرِ. وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:" مَا أهْلَكَ اللهُ قَوْماً وَلاَ قَرْناً وَلاَ أمَّةً وَلاَ أهْلَ قَرْيَةٍ بعَذابٍ مِنَ السَّمَاءِ مُنْذُ أنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ غَيْرَ أهْلِ الْقَرْيَةِ الَّذِيْنَ مُسِخُواْ قِرَدَةً، ألَمْ تَرَ أنَّ اللهَ قَالَ ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَآ أَهْلَكْنَا ٱلْقُرُونَ ٱلأُولَىٰ ﴾ ".