قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾؛ ذهبَ أكثرُ المفسِّرين أنَّ هذهِ الآيةَ" نزلت في أبي طَالِبٍ، وَذلِكَ أنَّهُ لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، دَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ: " يَا عَمِّ؛ قُلْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ أشْهَدُ لَكَ بهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قالَ: لَوْلاَ أنْ يُعَيِّرَنِي نِسَاءُ قُرَيْشٍ وَيَقُلْنَ: إنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى ذلِكَ الْجَزَعُ عِنْدَ الْمَوْتِ، لأَقْرَرْتُ بهَا عَيْنَكَ "، فأنزلَ اللهُ تعالى ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ هِدايَتَهُ. وَقِيْلَ: إنَّكَ لا تَهدِي من أحبَبتَهُ. و" عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَمِّهِ أبي طَالِبٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيْهِ، وَعِنْدَهُ أبُو جَهْلٍ وَعَبْدُاللهِ بْنُ أُمَيَّةَ بَنِ الْمُغِيْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: " يَا عَمِّ؛ قُلْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ أُحَاج لَكَ بهَا عِنْدَ اللهِ " فَقَالَ لَهُ أبُو جَهْلٍ وَعَبْدُاللهِ بْنُ أُمَيَّةَ: أتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِب؟!فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَهُمَا يُعَاودَانِهِ عَلَى تِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ بهِ: أنَا عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَلِب، وَأبَى أنْ يَقُولَ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ "، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي أبي طَالِبٍ، وَقَالَ لِرَسُولِهِ: ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾؛ قال الزجَّاج: (ابْتِدَاءُ نُزُولِهَا بسَبَب أبي طَالِبٍ، وَهِيَ عَامَّةٌ؛ لأنَّهُ لاَ يَهْدِي إلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ). ﴿ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ ﴾.