قًَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً ﴾؛ المرادُ بالدَّار الْجَنَّةُ.
﴿ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً ﴾ على خَلْقِي ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾ ولَم يتكَبَّروا كما تَكَبَّرَ قارونُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ فَسَاداً ﴾ أي ولا دُعاءً إلى عبادةِ غيرِ الله. وَقِيْلَ: ولا فَسَاداً ولا عمَلاً بالمعاصِي. وَقِيْلَ: هو أخذُ المالِ بغيرِ الحقِّ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾؛ أي العاقبةُ الحميدة لِمَنِ اتَّقَى عقابَ اللهِ بأداء فرائضهِ واجتناب معاصيهِ. وَقِيْلَ: الذين يَتَّقُونَ الكفرَ والعُلُوَّ والفسادَ. وعن كعبٍ رضي الله عنه أنه قال:" " يُحْشَرُ الْمُتَكَبرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالذرِّ فِي صُوَر الرِّجَالِ، يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يَسْلُكُونَ فِي النَّار وَيُسْقَوْنَ مِنْ طِيْنَةِ الْخَبَالِ " قِيْلَ: وَمَا طِيْنَةُ الْخَبَالِ؟ قًَالَ: " عُصَارَةُ أهْلِ النَّارِ "والمرادُ بالتَّكَبُّرِ: أنْ يكون التكبُّرُ لأمرٍ يرجعُ إلى الدُّنيا، فإمَّا يكون مِن ذلك لإزالةِ المنكَرِ وإقامةِ حَقٍّ من حقوقِ الله، فلا يكونُ ذلكَ من التَّكَبُّرِ في شيءٍ، وإنَّما هو تَمَسُّكٌ بالدِّينِ.