قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾؛ أي ويقولُ الراسخونَ في العلمِ ربنا لا تُمِلْ قلوبَنا عن الحقِّ والهدى كما أزغْتَ قلوبَ اليهود والنصارى.
﴿ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ أي لا تُزِغْ قلوبَنا بعد إذْ أرشدتَنا ونصرتنا ووفَّقتنا لدينِكَ الحقّ، وقولهُ: ﴿ وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً ﴾؛ أي أعطِنا من عندك نعمةً، وقيل: لُطفاً يثبتُ قلوبنا على الهدى. واسمُ الرحمةِ يقع على كلِّ خيرٍ ونعمة، وقيل معناهُ: وَهَبْ لنا من لَدُنْكَ توفيقاً وتثبيتاً على الإيْمان والهدى. وقال الضحَّاك: (مَعْنَاهُ: وَهَبْ لَنَا تَجَاوُزاً وَمَغْفِرَةً). وقيل: هَبْ لنا لزومَ خدمتك على شرطِ السُّنة. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ ﴾؛ أي أنتَ المعطي والوهَّاب الذي من عادتِه الإعطاءُ والهبة، وإنَّما سمي القلب قَلباً لتقلُّبه، وإنَّما مثل القلب مثل ريشةٍ بفلاة من الأرضِ، وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنهُ قالَ:" إنَّ قَلْبَ ابْنِ آدَمَ مِثْلَ الْعُصْفُور يَتَقَلَّبُ فِي الْيَوْمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ "