قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ ﴾؛ أي أقِيمُوا وجُوهَكم راجعينَ إلى اللهِ في كلِّ ما أمَرَكم به، لا تَخرجُون عن شيءٍ من أوامرهِ، وهذا لأنَّ الخطابَ في أوَّلِ هذه الآياتِ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم بقولهِ ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ ﴾، والمرادُ به أُمتَهُ، كما في قولهِ﴿ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ ﴾[الطلاق: ١] فكأنَّهُ قالَ: أقِيمُوا وجُوهَكم مُنِيْبيْنَ؛ أي رَاجِعين إلى أوامرهِ، وقولهُ تعالى ﴿ وَٱتَّقُوهُ ﴾ أي اتَّقُوا مُخالَفتَهُ.
﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ ﴾؛ أي زَايَلُوا دِينَهم الذي أُمِرُوا بالثبات عليهِ. وَمن قرأ (فَرَّقُواْ دِيْنَهُمْ) فمعناهُ: صَارُوا فِرَقاً، وذلكَ معنى قولهِ: ﴿ وَكَانُواْ شِيَعاً ﴾، أي صارُوا جماعةً.
﴿ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾، أي كلُّ جماعةٍ اختَارَتْ دِيناً مثل اليهودِ والنَّصارى وسائرِ الْمِلَلِ، كلُّ أهلِ دِينٍ يفرحون بما عندَهم من الدِّين.


الصفحة التالية
Icon