وقال عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾؛ أي ﴿ قُلْ ﴾ يَا مُحَمَّدُ: أخبرُكم بخيرٍ من الذي زُيِّنَ للناسِ في الدنيا للذين اتقوا الشِّرْكَ والكبائرَ والفواحش؛ فلا يشتغلون بالزينَةِ عن طاعةِ الله، لَهم عند ربهم جناتٌ؛ أي بساتينُ تجري من تحتِ شجرِها ومساكنِها أنْهَارُ الماء والعسَل والخمرِ واللَّبن.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي مُقيمين دائمين؛ أي ليست تلكَ المياهُ كمياه الدُّنيا تجري أحياناً وتنقطعُ أحياناً، بل تكونُ جاريةً أبداً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾؛ أي ولَهم نساءٌ مهذبات في الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾؛ أي لَهم معَ ذلك رضا اللهِ عنهُم وهو من أعظمِ النِّعم، قال اللهُ تعالى:﴿ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ﴾[التوبة: ٧٢]، قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾؛ أي عالِمٌ بأعمالِهم وثوابهم. واختلفُوا في منتهى الاستفهامِ في قولهِ تعالى: ﴿ أَؤُنَبِّئُكُمْ ﴾؛ قال بعضُهم: مُنْتَهَاهُ عند قولهِ: ﴿ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ ﴾ وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا ﴾ استئنافُ الكلامِ، وقال بعضُهم: منتهاهُ: ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ جَنَّاتٌ ﴾ استئنافُ كلامٍ. قرأ أبو بكرٍ عن عاصم: (وَرُضْوَانٌ) بضمِّ الراء في جميعِ القرآن وهي لغةُ قيسٍ وعيلان وتَميم؛ وهما لُغتان كالعُدْوَانِ والطمعان والطعنان، وقرأ عامَّة القُرَّاء (وَرضْوَانٌ) بكسر الراء.