قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ ﴾؛ وذلك أنَّ ابنَ لُقمان سألَ أباهُ فقالَ: أرأيتَ الحبَّة التي تكون في قَعْرِ البحار؛ أيعلَمُها اللهُ؟ فأعلَمَهُ أنَّ الله يعلمُ الحبَّة أينما كانت. وَقِيْلَ: إنَّ ابنَ لُقمان قال لأبيهِ: يا أبَتِ! إنْ عَمِلْتُ بالْخَطِيْئَةِ حيثُ لا يَرانِي أحدٌ، كيف يعلَمُها اللهُ؟ فقال لُقمان لابنهِ: ﴿ إِنَّهَآ إِن تَكُ ﴾ يعني إنَّ المعصيةَ إن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكون في صَخرَةٍ التي تحتَ الأرضين السَّبع أو في السَّماوات أو في الأرضِ يأتِ بها اللهُ للجزاءِ عليها. ومَن قرأ برفعِ (مِثْقَالُ) فتقديرهُ: أن تَقَعَ مثقالُ حبَّة. وقولهُ تعالى: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ﴾؛ أي قَادِرٌ على الإتيانِ بها، خَبيرٌ بموضِعها، يُوصِلُها إلى صاحبها حيث كانَ. واللَّطِيْفُ: العالِمُ بكلِّ دقيقٍ وجليل. ومعنى الآيةِ: أن اللهَ تعالى ضَرَبَ هذا مَثلاً لأعمالِ العبادِ، يعني أنه يأتِي بأعمالِهم يومَ القيامةِ، وإنْ كان العملُ الصالح في الصِّغَرِ بوزنِ حبَّة مِن خردلٍ، فاللهُ تعالى يحفظهُ ولا يخفَى عليه مكانهُ حتى يجازيه عليهِ، ونظيرُ هذا قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾[الزلزلة: ٧-٨].