قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾؛ أي ألَمْ تَرَوا أنَّ اللهَ خَلَقَ وذَلَّلَ لِمنافعِكم ولِمصَالحِكم ما في السَّماواتِ من الشَّمسِ والقمر والنجومِ والسَّحاب والمطَرِ، وفي الأرضِ من الأشجارِ والأنْهَارِ والبحارِ والدَّواب. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾؛ أي أتَمَّ عليكم ووسَّعَ لكم نِعَمَهُ (ظَاهِرَةً) من الْخَلْقِ الحسنِ وسلامةِ الأعضاء الظاهرة، (وبَاطِنَةً) من العقلِ والفهمِ والفطنة والمعرفةِ بالله. وَقِيْلَ: النعمةُ الظاهرة هي الإسلامُ، والباطنةُ ما يخفَى من الذُّنوب ويُسْتَرُ من العوراتِ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ ما يعلمُ الناس من حسنَاتِكَ، والباطنةُ ما لا يعلمون من السيِّئات. وقال الضحَّاك: (الظَّاهِرَةُ: حُسْنُ الصُّورَةِ وَامْتِدَادُ الْقَامَةِ وَتَسْوِيَةُ الأَعْضَاءِ، وَالْبَاطِنَةُ الْمَعْرِفَةُ). وَقِيْلَ: الظاهرةُ الإسلامُ وما أفْضَلَ عليكَ من الرِّزق، والباطنةُ ما سَتَرَ من سوءِ عمَلِكَ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ نِعْمُ الدُّنيا، والباطنةُ نِعَمُ العُقبَى. وَقِيْلَ: الظاهرةُ تسويةُ الظواهرِ، والباطنةُ تصفيةُ السرائرِ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ الرِّزْقُ الذي يكتسبُ، والباطنةُ الرزقُ مِن حيث لا تحتسبُ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ المدخل للغداءِ، والباطنة المخرجُ للأذَى. وَقِيْلَ: الظاهرةُ نِعْمَةٌ عليكَ بعد ما خرجتَ من بطنِ أُمِّكَ، والباطنةُ نعمةٌ عليك وأنتَ في بطنِ أُمِّكَ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ ألوانُ العطََايَا، والباطنةُ غفرانُ الخطايَا. وَقِيْلَ: الظاهرةُ المالُ والأولاد، والباطنة الْهُدَى والإرشادُ. وَقِيْلَ: الظاهرة التوفيق للعبادات، والباطنةُ الإخلاصُ من الْمُرَاءَاتِ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ ما أعطى من النَّعماءِ، والباطنة ما زوى من أنواعِ البلاء. وَقِيْلَ: الظاهرةُ إنزالُ القَطْرِ والأمطارِ، والباطنةُ إحياءُ الأقطار والأنصار. وَقِيْلَ: الظاهرةُ ذِكْرُ اللسانِ، والباطنةُ ذكر الجِنَانِ. وَقِيْلَ: الظاهرةُ ضياءُ النَّهار، والباطنةُ ظلمة الليلِ للسُّكون والقرار. ومَن قرأ (نِعْمَةً) على التوحيدِ فهي واحدةُ تُبنَى على الجميعِ، كما في قولهِ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ﴾[إبراهيم: ٣٤].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾؛ يعني النَّضْرَ بن الحارثِ يخاصمُ في آياتِ الله وفي صفاتهِ جَهْلاً بغير علمٍ ولا حجَّة.
﴿ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾؛ وقد تقدَّم تفسيرهُ في سُورةِ الحجِّ.