قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ ﴾؛ قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا:" وَذَلِكَ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أتَتْهُ أخْبَارُ الْيَهُودِ فَقَالُواْ: بَلَغَنَا أنَّكَ قُلْتَ: ﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أعَنَيْتَنَا أمْ عَنَيْتَ قَوْمَكَ؟ فَقَالَ: " بَلْ عَنَيْتُ الْجَمِيْعَ " فَقَالُواْ: ألَمْ تَعْلَمْ أنَّ اللهَ أنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَفِيْهَا أنْبَاءُ كُلِّ شَيْءٍ وَقَدْ خَلَّفَهَا فِيْنَا فَهِيَ مَعَنَا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " التَّوْرَاةُ وَمَا فِيْهَا مِنَ الأَنْبَاءِ قَلِيْلٌ فِي عِلْمِ اللهِ " فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ". والمعنى: لو جُعِلَ ما في الدُّنيا من الأشجار أقلاماً يكتبُ بها، وصارَتِ الجنُّ والإنسُ كُتَّاباً، والبحارَ مِدَاداً يَمدُّها من بعدِها سبعةَ أبْحُرٍ؛ أي سبعةَ أمثالِ بحرِ الدُّنيا، وكتبَ بها كلماتِ الله وحِكَمَهُ، لانكسرَتِ الأقلامُ، وأُعيَتِ الإنسُ والجنُّ، وَفَنِيَتِ البحارُ قبل أن ينقطعَ كلامُ اللهِ وحِكَمُهُ.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾؛ أي عَزِيزٌ في سُلطانهِ ذُو حكمةٍ في قولهِ وأفعالهِ. وذهبَ بعضُهم إلى أنَّ معنى (كَلِمَاتُ اللهِ) تعالى في هذه الآيةِ: مَعانِي القُرْآنِ وفوائدهِ، وقال بعضُهم: وهي نِعَمُ اللهِ في الدُّنيا والآخرةِ، وإن نِعَمَهُ في الآخرةِ غيرُ متناهيةٍ.