قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ ﴾؛ أي واذْكُرْ إذ أخَذْنا مِن النَّبيِّينَ عُهودَهم؛ أي يصدِّقُ بعضُهم بعضاً، ويبَشِّرُ الأولُ بالآخرِ، ويأخذُ كلُّ رسول منهم على قولهِ بما أمرَ اللهُ به، وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ﴾؛ قِيْلَ: إنَّ الواو مقحمةٌ؛ وتقديره: منكَ ومِن نوحٍ، فيكونوا (مِنْكَ) ما بعدَهُ تفسيرُ (النَّبيِّيْنَ). والفائدةُ في تخصيصِ هؤلاء الأنبياءِ الخمسة بالذِّكر؛ لأنَّهم أهلُ الشرائعِ والكتب، وأُوْلُو العَزْمِ من الرُّسُلِ، ولَهم الأُمَمُ والتَّبَعُ. وقَدَّمَ ذِكْرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأن الخطابَ معه. وجاء في التفسيرِ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" إنِّي خُلِقْتُ قَبْلَ الأَنْبيَاءِ وَبُعِثْتُ بَعْدَهُمْ ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً ﴾؛ أي عَهْداً وَثِيقاً بأن يَعبدونِي ولا يُشرِكون بي شيئاً. وَقِيْلَ: وأخَذْنَا منهم عَهْداً شديداً على الوفَاءِ بما حُمِّلُوا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ﴾؛ أي لكَي يسألَ الْمُبَلِّغِيْنَ عن تبلِيغِهم وهو قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ مَاذَآ أَجَبْتُمُ ﴾[القصص: ٦٥].
وفائدةُ سؤالِ الرُّسُلِ وهم صادِقُون؛ لتكذيب الذينَ كفَرُوا بهم فيكون هذا السؤالُ احْتِجَاجاً على الكاذِبين، وإذا سُئِلَ الصَّادِقُونَ، فكيفَ يُظَنُّ بالكاذِبين؟! وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً ﴾؛ أي أعَدَّ للَّذين كفَرُوا بالرُّسُلِ عذاباً شَديداً.


الصفحة التالية
Icon