قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ﴾، أي عذِّبْهم مِثْلَي عذابنا، فيكون ضعفٌ على كُفرِهم وضِعفٌ على دُعائهم لنا إلى الضلالِ. وقوله: ﴿ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ﴾، قرأ عاصم (كَبيراً) بالباء؛ أي عظيماً، وقرأ الباقون بالثاء مِن الكثرة، وإنما اختاروا الكثرةَ لقوله:﴿ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ ﴾[البقرة: ١٥٩] وقولهِ تعالى:﴿ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾[البقرة: ١٦١] فهذا يشهدُ للكثرة. حدثنا مُحَمَّد بن الحسنِ العسقلاني، قال: (سمعتُ مُحَمَّدَ بن السري يقولُ: رأيتُ في المنام كأنِّي في مسجدِ عَسقلان؛ وكأنَّ رجُلاً يُناظِرُني ويقول: (وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبيرًا) وأنا أقولُ: (كَثِيراً). وإذا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم فدخلَ علينا المسجدَ، وكان في وسطِ المسجد منارةً لها بابٌ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقصدُها. فقلتُ: هذا النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقلتُ: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله استَغفِرْ لي. فأمسكَ عنِّي، فجِئتهُ عن يمينهِ فقلتُ: يا رسولَ الله استغفِرْ لي، فأعرضَ عني، فقمتُ من تلقاءِ صدره، حدَّثَنا سُفيان بن عُيينة عن مُحَمَّد بن المنكدر وعن جابرِ بن عبدالله: " أنَّكَ مَا سُئِلْتَ شَيْئاً قَطْ فَقُلْتُ لاَ " فتبسَّم عليه السلام وقال: " اللَّهم اغفِرْ له ". فقلتُ: يا رسولَ الله إني وهذا نتكلَّمُ في قولهِ تعالى: (وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَثِيرًا)، فأنا أقولُ: (كَثِيراً) وهذا يقولُ: (كَبيراً)، قال: فدخلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المنارةَ وهو يقولُ: كَثيراً، كَثِيراً، بالثاءِ إلى أن غابَ عني صوتهُ).