قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ ﴾، أي لا تكونُوا في أذى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم كبني إسرائيلَ، الذين آذوا موسَى بعيبٍ أضافوهُ إليه، فبرَّأهُ اللهُ مما قالوا عليه.
﴿ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً ﴾، أي رفيعَ القدر والمنزلةِ. واختلفوا في العيب الذي أضافَهُ بنوا إسرائيلَ إلى موسى، قال بعضُهم: كان هارونُ أحبَّ إلى بني إسرائيلَ من موسى لزيادةِ رفقه بهم، فلما ماتَ هارونُ في حالِ غيبتهما عنهم، قالوا: إنَّ موسى قتلَهُ لتخلصَ له النُّبوة، فأحياهُ الله تعالى حتى كذبَهم. وقال بعضُهم: كان أذاهُم له أنهم رَمَوه بالأَدَرَةِ لكثرةِ حيائه واستتارهِ عن الناس، وكانت بنوا إسرائيلَ عُراةً ينظرُ بعضهم إلى سَوءَةِ بعضٍ، وكان موسى يغتسلُ وحدَهُ، فقالوا: واللهِ ما يمنعُ موسَى أن يغتسلَ معنا إلا أنه آدَرَ. قال: فذهبَ يغتسلُ مرَّة، فوضعَ ثوبَهُ على حجرٍ، فذهبَ الحجرُ بثوبهِ، فخرجَ موسى من الماءِ في إثْرِ الحجرِ، يقول: ثَوبي يا حجرُ، حتى نظَرت بنوا إسرائيل إلى سَوأتهِ عليه السلام، فقالوا: واللهِ ما به من بأسٍ. فقامَ الحجرُ بعدما نظروا إليه وأخذ ثوبه، فطَفِقَ بالحجرِ ضَرباً. قال أبو هُريرة:" وَاللهِ إنَّ بالْحَجَرِ نُدَبٌ سِتَّةٌ أوْ سَبْعَةٌ مِنْ ضَرْب مُوسَى "قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً ﴾ أي حَظِيّاً لا يسألهُ شيئاً إلا أعطاهُ.


الصفحة التالية
Icon