قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ ﴾، أي يُدْخِلُ من الليلِ في النَّهار حتى يصيرَ النهارُ خمسَ عشرة ساعةً وهو أطولُ ما يكون، وأقصرهُ تِسْعُ ساعاتٍ، ويُدْخِلُ النَّهارَ في الليلِ حتى يصيرَ الليلُ خمسَ عشرة ساعةً وهو أطولُ ما يكون، وأقصرهُ تِسْعُ ساعاتٍ، فما نَقُصَ من أجزاءِ أحدِهما دخلَ في الآخر، وهذا قولُ أكثرِ المفسِّرين. وقال بعضُهم: معناهُ: تذهبُ بالليلِ وتجيء بالنهار، وتذهبُ بالنَّهار وتجيء بالليل. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ ﴾، قال ابنُ عبَّاس وقتادةُ ومجاهد والضحَّاك وابن جُبير والسديُّ: (مَعْنَاهُ: تُخْرِجُ الْحَيْوَانَ مِنَ النُّطْفَةِ وَهِيَ مَيْتَةٌ، وَتُخْرِجُ النُّطْفَةَ مِنَ الْحَيْوَانِ وَهُي حَيٌّ، وَالدَّجَاجَةَ مِنَ الْبَيْضَةِ، وَالْبَيْضَةَ مِنَ الدَّجَاجَةِ). وقال بعضُهم: يخرجُ النَّخلةَ من النواةِ، والنواةَ من النخلةِ، وتخرجُ السنبلةَ من الحبَّة، والحبَّةَ من السنبلةِ. وقال الحسنُ: (مَعْنَاهُ: يُخْرِجُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الْكَافِرِ، وَالْكَافِرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ، وَالْعَالِمَ مِنَ الْجَاهِلِ؛ وَالْجَاهِلَ مِنَ الْعَالِم). دليلهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ ﴾[الانعام: ١٢٢] الآية. وحكايةُ عن الزهري:" أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَإذا هُوَ بامْرَأةٍ حَسَنَةِ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: " مَنْ هَذِهِ؟ " قَالَتْ: إحْدَى خَالاَتِكَ، قَالَ: " أيُّ خَالاَتِي هَذِهِ؟ " قَالَتْ: هَذِهِ خَالِدَةُ بنْتُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " سُبْحَانَ الَّذِي يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ "، وكانتِ امرأةً صالِحة، وكانَ ماتَ أبُوها كَافراً ". قال أهلُ الإشارةِ: معناهُ: يُخرج الحكمةَ من قلب الفاجر حتى لا تسكُنَ فيه، والمسقِطةُ مِن قلب العارف. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ أي بغيرِ تقديرٍ، وقد تقدَّم تفسيرُ ذلك.


الصفحة التالية
Icon