قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً ﴾؛ نصبَ ﴿ يَوْمَ ﴾ بنَزع الخافضِ لأن أوَّل هذه الآية منصرفٌ إلى قوله: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ ﴾ في: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ ﴾، وقيل: بإضمار فعلٍ؛ أي اذْكُرُوا ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً ﴾ أي حَاضِراً مكتوباً في ديوانِهم لا يقصرُ فيه. وقرأ عبيدةُ بن عمر (مُحْضِراً) بكسر الضاد، ويعني عملُه يحضره الجنة. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً ﴾؛ أي والذي عملَتْ من سوء يتمنَّى أن يكونَ بينه وبين ذلك أجلٌ طويل بُعد ما بينَ المشرقِ والمغرب، لَيْتَهُ لم يعملْ، جعل بعضُهم (ما) جزاءً في موضعِ النَّصب واعملَ فيه الوجود أي وتجدُ عملَها، وجعل بعضُهم جزاءً مستأنفاً. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾؛ أي رحيمٌ بالمؤمنين خاصَّة؛ هكذا قال ابنُ عبَّاس، وقيلَ: إن أول هذه الآية عدلٌ، وأوسطها تَهديد وتخويفٌ، وآخرُها رأفةٌ ورحمةٌ.


الصفحة التالية
Icon