قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ ﴾؛ وذلك أنَّها كانت تظُنُّ وقتَ النَّذر أنَّ ما في بطنِها ذكراً؛ فلما ولدَت أنثى توهَّمت أن لا تُقْبَلَ منها؛ فـ ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ ﴾، وكان هذا القولُ منها على وجهِ الاعتذار؛ لأنَّ سَعْيَ الأُنثى أضعفُ وعقلَها أنقصُ.
﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ﴾، وكانوا لا يحرِّرون النساءَ لِخدمة البيتِ لِمَا يلحقهُنَّ من الحيْضِ والنِّفاسِ. قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ ﴾؛ هو من قولِ المرأةِ؛ معناهُ: ليسَ الذكرُ كالأنثى في خدمةِ البيتِ؛ لأن الأُنثى عورةٌ فلا تصلُح لِما يصلحُ له الذكرُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ﴾؛ أي خَادِمَ الرَّب بلُغتهم. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ ﴾؛ أي إنِّي أمنعُها وولدَها بكَ إنْ كان لَها ولدٌ من الشيطانِ الرَّجيمِ. الرَّجيمُ: المرجُوم وهو المطرودُ من رحمةِ الله تعالى. وعن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:" مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلاَّ وَلِلشَّيْطَانِ طَعْنَةٌ فِي جَنْبهِ حِيْنَ يُوْلَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارخاً مِنَ الشِّيْطَانِ الرَّجِيْمِ، إلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا عليه السلام، إقْرَؤُا إنْ شِئْتُمْ: وَإنِّي أعِيْذُهَا بكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "قرأ عليٌّ والنخعي وابنُ عامرٍ: (وَضَعْتُ) بضم التاء.


الصفحة التالية
Icon