قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا ﴾؛ أي يستَغِيثُونَ في النار وهو افتعالٌ من الصُّراخِ يقولون: ﴿ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا ﴾؛ من النار.
﴿ نَعْمَلْ صَالِحاً ﴾؛ أي بقَولُ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وقولهُ تعالى: ﴿ غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ ﴾؛ أي غيرَ الشِّركِ. فوبَّخَهم اللهُ تعالى فقالَ: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ﴾، معناهُ: أوَلَمْ نُعمِّركُم مقدارَ ما يتَّعِظُ فيه مَن كان يريدُ أن يتَّعظَّ ويؤمِنَ. قال عطاءُ: (يُرِيدُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَنَةً)، وقال الحسنُ: (أرْبَعِينَ سَنَةً)، وقال ابنُ عبَّاس: (سِتِّينَ سَنَةً). قَالَ: (هُوَ الْعُمْرُ الَّذِي أعْذرَ اللهُ إلَى ابْنِ آدَمَ، قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَنْ عَمَّرَهُ اللهُ تَعَالَى سِتِّينَ سَنَةً فَقَدْ أعْذرَ اللهُ إلَيْهِ فِي الْعُمُرِ "). وعن أبي هُريرةَ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِين، وَأقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذلِكَ "قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:" مَنْزِلُ مَنَايَا أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ ﴾؛ قال جمهورُ المفسِّرين: يريدُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. ورُوي عن عكرمةَ وسُفيان بن عُيينة: (الْمُرَادُ مِنَ النَّذِيرِ الشَّيْبُ) وَمَعْنَاهُ: أوَلَمْ نُعَمِّركُم حتى شِبتُم؟. وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ:" مَنْ أنَافَ سِنُّهُ عَلَى أرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ تَغْلِبْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فَلْيَتَجَهَّزْ إلَى النَّار ". قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ ﴾؛ أي فذُوقوا العذابَ فما للمُشرِكين من مانعٍ يَمنعُهم من العذاب.