قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ ﴾؛ يعني أنَّ الشمسَ أبطأُ مَسِيراً من القمرِ فلا تدركهُ، وذلك أنَّ الشمسَ تقطعُ منازلَها في سنةٍ، والقمرَ يقطعُ منازلَهُ في شهرٍ، وهما مسخَّران مقهوران على ما ذكرَهُما اللهُ تعالى. ويقالُ معنى قولهُ: ﴿ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ ﴾ أي لا يدخلُ النَّهارُ على الليلِ قبلَ انقضائهِ، ولا يدخلُ الليلُ على النهار قبلَ انقضائهِ، كلاهُما يَسِيران دائِبَين، ولكلٍّ حدٌّ لا يعدوهُ ولا يقصُر دونَهُ، فإذا جاءَ سُلطان هذا ذهبَ ذلك، فإذا جاءَ سلطانُ ذلك ذهبَ هذا، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ ﴾؛ أي لا تتأخَّرُ الشمسُ عن مجرَاها، فتسبقُ ظلمةُ الليلِ في وقتِ النَّهار. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾؛ أي كلٌّ مِن الشمسِ والقمرِ والنُّجومِ الغَاربَةِ والطَّالعةِ في فَلَكٍ يَسِيرُونَ ويَجْرُونَ بالأبْسَاطِ. والفلَكُ: هو مواضعُ النجومِ من الهواءِ؛ أي الذي يجرِي فيه، سُمِّي بهذا الاسمِ لأنه يدورُ بالنجومِ، ومنه فُلْكَةُ الْمِغْزَلِ لأنَّها تدورُ بالمغزلِ.