قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً ﴾؛ أي قالَ زكريَّا يا رَب اجعل لِي علامةً إذا حملَتِ امرأتِي عرفتُ ذلك منها، أرادَ بهذا القولِ تعجيلَ السُّرور قبلَ ظُهور الولدِ بالولادة. قال: علامةُ ذلكَ أن لا تُطِيْقَ الكلامَ مع أحدٍ من الناس منذُ ثلاثةِ أيَّام من غير خَرَسٍ ﴿ إِلاَّ رَمْزاً ﴾ أي الاَّ إشارَةً بالعينين والحاجِبين واليدَين، وقيل: الرَّمْزُ: تَحْرِيْكُ الشَّفتين باللفظ من غير إبانةِ صَوْتٍ، فذلك علامةُ حَبَلِ امرأتِكَ. قَوْلُهُ تعَالَى: ﴿ وَٱذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ ﴾؛ أيِ اذكُر ربَّكَ كثيراً في هذهِ الأيَّام الثلاثة؛ ﴿ وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ ﴾ أي صَلِّ غُدُوّاً وعَشِيّاً كما كنتَ تصلِّي من قَبْلُ، يقالُ: فرِغتُ من سُبْحَتِي؛ أي من صلاتِي، وسُمِّيت الصلواتُ سُبَحاً لِمَا فيها من التوحيدِ والتَّحميد والتَّنْزِيْهِ من كلِّ سوءٍ. وقيل: أرادَ بالتسبيحِ التسبيحَ المعروفَ فيما بين الناس، وقرأ الأخفشُ (رَمَزاً) بفتحِ الميم مصدراً مثل طَلَباً.


الصفحة التالية
Icon