قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَمَا يَنظُرُ هَـٰؤُلآءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً ﴾؛ أي ما ينظر أهلُ مكَّة لوقوعِ العذاب بهم إلاَّ صيحةً واحدةً وهي نفخةُ البعثِ، وذلك أنَّ العقوبةَ في قومِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُؤَخَّرَةٌ إلى يومِ البعثِ، وعقوبةُ الأممِ الماضية كانت مُعَجَّلَةً في الدُّنيا ومُؤجَّلةً في الآخرةِ، ألاَ ترَى أنَّ الله تعالى ذكَرَ عقوبةَ الاستئصالِ في الدُّنيا من الأُمم الماضيةِ، وقالَ في هذهِ الأُمَّة﴿ بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ ﴾[القمر: ٤٦].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ ﴾؛ أي ما لِتِلْكَ الصَّيحةِ مِن رجعةٍ إلى الدُّنيا، والفَـُوَاقُ بضَمِّ الفاءِ وفتحِها بمعنىً واحدٍ وهو رجوعٌ، ومن ذلكَ قولُهم: أفَاقَ فلانٌ من الْجُنُونِ ومِن المرضِ؛ إذا رَجَعَ إلى الصِّحة. والفُوَاقُ بضَمِّ الفاءِ ما بين حَلْبَتَي النَّاقَةِ؛ لأن اللَّبن رجوعهُ إلى الضَّرعِ بينَ الحلبَتين. والمعنى: ما ينظرُ هؤلاء إلاّ صيحةً واحدة ما لَها من رُجوعٍ. وَقِيْلَ: يرَدَّدُ لكَ الصوتُ فيكون له رجوعٌ.


الصفحة التالية
Icon