قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً ﴾؛ قال أحدُ الملَكين: إن هذا أخِي، أي على دِيني لهُ تِسْعٌ وتِسعون امرأةً. والنعجةُ: البقرَةُ الوحشيَّة، والعربُ تكَنِّي عنِ المرأةِ بها، وتشَبهُ النساءَ بالنِّعَاجِ من البقرِ، وإنما يعني بهذا داود؛ لأنه كان له تسعٌ وتسعون امرأةً، وهذا من أحسنِ التَّعريضِ، ويُسمَّى تعريضُ التفهيمِ والتنبيهِ؛ لأنه لم يكن هناك نعاجٌ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ ﴾؛ أي امرأةٌ واحدة.
﴿ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا ﴾؛ أي ضُمَّها إلَيَّ واجعلني كبَعْلِها أعُولُها. والمعنى: طلِّقْها حتى أتزوَّجَها، وقال ابنُ جبير: (مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿ أَكْفِلْنِيهَا ﴾ أيْ تَحَوَّلْ عَنْهَا).
﴿ وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ ﴾؛ أي غلبَني، وقال الضحَّاك: (أيْ تَكَلَّمْ وَكَانَ أفْصَحَ مِنِّي، وَإنْ عَادَانِي كَانَ أبْطَشَ مِنِّي)، وقال عطاءُ: (مَعْنَاهُ أعَزُّ مِنِّي وَأقْوَى عَلَى مُخَاطَبَتِي لأَنَّهُ كَانَ الْمَلِكَ).